[b][b]هذه حال من قرت عينه بالله ... كلمة نفيسة لابن القيم
قال
ابن القيم رحمه الله ( فإن من قرت عينه بالله قرت به كل عين ,وأنس به كل
مستوحش ,وطاب به كل خبيث وفرح به كل حزين وأمن به كل خائف وشهد به كل غائب
وذكرت رؤيته بالله فإذا رئي ذكر الله ..
قد اطمأن قلبه بالله, وسكنت
نفسه إلى الله , وخلصت محبته لله, وقصر خوفه من الله, وجعل رجاءه كله لله,
فإن سمع سمع بالله,وإن أبصر أبصر بالله, وإن بطش بطش بالله, وإن مشى مشى
بالله , فبه يسمع ,وبه يبصر , وبه يمشي , فإذا أحب أحب الله, وإذا أبغض
أبغض لله , وإذا أعطى فلله ,وإذا منع فلله..
قد اتخذ الله وحده معبوده
ومرجوه ومخوفه وغاية قصده ومنتهى طلبه , واتخذ رسوله وحده دليله وإمامه
وقائده وسائقه . فوحد الله بعبادته ومحبته وخوفه ورجائه وافرد رسوله
بمتابعته والاقتداء به والتخلق بأخلاقه والتأدب بادابه.
فله في كل وقت
هجرتان : هجرة إلى الله بالطلب والمحبة والعبودية والتوكل والإنابة ,
والتسليم والتفويض , والخوف والرجاء والإقبال عليه , وصدق اللجأ والافتقار
في كل نفس إليه. وهجرة إلى رسوله في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة بحيث
تكون موافقة لشرعه الذي هو تفصيل محاب الله ومرضاته , ولا يقبل الله من احد
ديناً سواه وكل عمل سواه فعيش النفس وحظها لا زاد المعاد .
قال الجنيد شيخ الطريقة وإمام الطائفة قدس الله روحه :
( الطرق كلها مسدودة إلا طريق من اقتفى اثار النبي صلى الله عليه وسلم فإن
الله عز وجل يقول : ( وعزتي وجلالي لو أتوني من كل طريق واستفتحوا من كل
باب , لما فتحت لهم حتى يدخلوا خلفك ))
وقال بعض العارفين : (( كل عمل بلا متابعة فهو عيش النفس ))
من كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين للإمام ابن القيم
الآجري