تعريف التوبة:
قال ابن القيم رحمه الله في تعريف التوبة: " فحقيقة التوبة هي الندم على
ما سلف منه في الماضي، والإقلاع عنه في الحال، والعزم على ألا يعاوده في
المستقبل "
وهناك
تعريف آخر:ترك الذنب لقبحه، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة،
وردُّ المظلمة إن كانت، أو طلب البراءة من صاحبها، وهي أبلغ وجوه الاعتذار
".
والتوبة تكون من الله على العبد، ومن العبد إلى الله؛ فإذا كانت من الله عُدِّيت بعلى، وإذا كانت من العبد إلى الله عديت بإلى.
قال الله ـتعالى:[إِنَّمَا
التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ
ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً] النساء:17.
ويشترط لها خمسة شروط:
الشرط الأول: الإخلاص
والإخلاص شرط في كل عبادة، والتوبة من العبادات، قال الله تعالى:(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)(البينة: الآية5) فمن تاب مراأة للناس، أو تاب خوفاً من سلطان لا تعظيماً لله عزّ وجل فإن توبته غير مقبولة.
الشرط الثاني: الندم على ما حصل
فقد قال عليه الصلاة والسلام: «الندم توبة« رواه الحاكم وابن ماجه.
الشرط الثالث: الإقلاع عن المعصية التي تاب منها
فإن
كانت المعصية ترك واجب يمكن تداركه وجب عليه أن يقوم بالواجب،كما لو أذنب
الإنسان بمنع الزكاة، فإنه لابد أن يؤدي الزكاة، أو كان فعل محرماً مثل أن
يسرق لشخص مالاً ثم يتوب،فلابد أن يرد المال إلى صاحبه، وإلا لم تصح توبته .
فإذا
خشي إذا أدى المال إلى صاحبه أن يقع في مشاكل فيدّعي مثلاً صاحب المال أن
المال أكثر، أو يتَّهَم هذا الرجل ويشيع أمره، فليرسل المال مع شخص لا يتهم
بالسرقة ويعطيه صاحبه
أما
إذا مات صاحب المال، فليعطيه الورثة ، و إذا لم يعرف الورثة أو عناوينهم
فليتصدّق به عمن هو له، والله عزّ وجل يعلم هذا ويوصله إلى صاحبه.
تأتي مسألة الغيبة: فالغيبة كيف يتخلص منها إذا تاب؟
إن كان صاحبه قد علم بأنه اغتابه فلابد أن يتحلل منه، لأنه حتى لو تاب
سيبقى في قلب صاحبه شيء،وذلك بأن يذهب عنده و يقول له: إني اغتبتك فحللني،
وإن لم يعلم كفاه أن يستغفر له
الشرط الرابع: العزم على أن لا يعود
فلابد
من هذا، فإن تاب من هذا الذنب لكن من نيته أن يعود إليه متى سنحت له
الفرصة فليس بتائب، ولكن لو عزم أن لايعود ثم سوّلت له نفسه فعاد فالتوبة
الأولى لا تنتقض، لكن يجب أن يجدد توبة للفعل الثاني.
الشرط الخامس: أن تكون التوبة وقت قبول التوبة
فإن كانت في وقت لا تقبل فيه لم تنفعه، وذلك نوعان: نوع خاص، ونوع عام:
النوع
الخاص: أن تكون التوبة قبل الغرغرة، والغرغرة هي بلوغ الروح الحلقوم، فمن
وصل إلى حدّ الغرغرة لا تقبل منه التوبة، فإن كان على الكفر وأراد الرجوع
إلى الإسلام لا يقبل منه، وإن كان فاسقًا وأراد التوبة لا يقبل منه؛ وقد
ورد في الحديث الشريف: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر« رواه الترمذي
وقال حديث حسن.
قال تعالى:(وَلَيْسَتِ
التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ
أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ
يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً
أَلِيماً)(النساء: الآية18)
وأما
العام: فهو طلوع الشمس من مغربها، فإن الشمس تشرق من المشرق وتغرب من
المغرب، فإذا طلعت من المغرب آمن الناس كلهم، ولكن لا ينفع نفساً إيمانها
لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً.
ولهذا
قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لاً تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتَّى
تَنْقَطِعَ التَّوبَةُ، وَلا تَنْقَطعُ التَّوبَةُ حَتَّى تَخْرُجَ
الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" أخرجه أبو داود وأحمد