بعضها تكون مخاطر الحمل فيها عالية على الأم والجنين
أمراض القلب هل تمنع الفتاة من الزواج؟
الغالبية العظمى من مرضى القلب يستطيع الزواج وتحمل تبعاته
د.خـالد عبد الله النمر
هناك ثلاث حالات سنعرضها للقارئ الكريم وكلها تدور حول محور النقاش ونعرض لها بشيء من التفصيل خلال ثنايا الموضوع.
الحالة الأولى: جاء الى عيادة القلب شاب في الثلاثين من عمره يستفسر قائلا: انه خطب احدى البنات من الأسر المعروفة وهي على خلق ودين ويريد الزواج منها ولكن والدها فاجأه بقوله: ان لديها منظما لنبضات القلب وامورها الطبية ممتازة وتتابع بانتظام في احد المستشفيات الحكومية، ويسأل هذا الشاب: بماذا تنصحني يادكتور.. هل اقدم واتوكل على الله واتزوجها، ام من الافضل لي ان ابحث عن غيرها؟
فسألته هل من الممكن ان توضح لي ما هي بالضبط مخاوفك المستقبلية حيال هذا الزواج؟ فقال: اقصد هل من الممكن ان يؤثر منظم نبضات القلب على ادائها لواجباتها المنزلية والاسرية والحمل والولادة؟
الحالة الثانية: استشارني والد فتاة هل يستطيع ان يزوج ابنته لشاب لديه صمام صناعي في القلب ويأخذ ادوية التخثر بانتظام.. ويريد التأكد من نقطتين اولهما: هل يستطيع مثل هذا الشخص القيام بواجبات اسرة كاملة من زوجة واطفال، ثانيهما: هل حياته - والاعمار بيد الله - اقصر من غيره بسبب هذا المرض (حسب ما سنه الله من قوانين في الارض) فيرمّل بنتي وييتم ابنائه ويتركهم حملا ثقيلا عليها؟
الحالة الثالثة: انه طلب مني ابداء الرأي الطبي المختص في قضية امرأة طلبت الطلاق من زوجها المصاب بفشل شديد في عضلة القلب ولا يستطيع المشي اكثر من عشرة أمتار متواصلة.. واتضح ان الزوج كان مريضا بالقلب ويراجع في احد المستشفيات ولم يخبر اهل الزوجة ان لديه مرضا في القلب على الرغم من ان فحوصات ما قبل الزواج الروتينية كانت سليمة؟
إن امراض القلب موجودة في كل زمان ومكان والزواج هو سنة الله في الارض ولابد لكلا طرفي العلاقة التأكد من صحة الآخر.. ومن الممكن ان يحصل شيء من اللبس لدى الناس في بعض امراض القلب وما يؤثر منها على الزواج ومالا يؤثر.
هناك مجموعة من أمراض القلب تؤثر على الزواج بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
حيث تجب معرفة ان اغلب امراض القلب لا تؤثر على الزواج، ولكن هناك مجموعة من امراض القلب تؤثر على الزواج بطريقة مباشرة او غير مباشرة او بهما معا وذلك بطرق متعددة: اما بسبب المرض الاصلي او كثرة الدخول للمستشفيات او الاعراض الجانبية للادوية التي يأخذها المريض او تأثير المرض على الحمل والولادة او الرعاية الطبية التي يتطلبها هذا المرض من احد الزوجين والتي قد تفوق قدرته البدنية والنفسية، واخيرا امراض القلب الوراثية التي قد تنتقل الى ذرية هذين الزوجين.
وتقسم هذه الامراض الى امراض قد تؤثر على الحمل فقط وامراض قد تؤثر على الحمل والزواج معا وامراض لا تؤثر على اي منهما.
امراض القلب التي تكون فيها مخاطر الحمل عالية على الأم والجنين:
1- فشل القلب الشديد في الزوجة عند المرحلة الثالثة/ الرابعة بأسبابه المتعددة.
2- ضعف عضلة القلب حول الولادة.
3- وجود صمامات معدنية للقلب (نسبيا وتقل المخاطر بالتخطيط لذلك الحمل).
4- من لديها زراعة للقلب.
5- من لديها امراض وراثية للقلب تسبب الازرقاقCYANOTIC HEART .DISEASE
6- من لديها تضيق شديد في الصمام الاورطي او تضخم عضلة القلب الموضعي المسبب للتضيق الشديد في مجرى البطين الايسر HOCM
7-ارتفاع الضغط الشديد في الشريان الرئوي.
والغالبية العظمى من مرضى القلب يستطيع الزواج وتحمل تبعاته سواء كان المريض ذكرا او انثى ويحتاج الى متابعة دقيقة مع طبيبه المعالج، ويتم تقييم حالة المريض بصفة دورية ومناقشة الخيارات العلاجية مع المريض وشريك حياته، اما اذا وصلت حالته الى مرحلة عدم الاستطاعة و"العجز البدني" سواء للواجبات المنزلية او الاسرية فالطرف الآخر بالخيار شرعا فلا ضرر ولا ضرار، وان كان الوقوف مع شريك العمر وقت الحاجة من سمو الأخلاق ومما يندب اليه شرعا.
ومجموعة الامراض التي يمكن فيها الزواج متعددة واكثر من ان تحصر.. ويدخل من ضمنها: من لديه جهاز منظم للقلب، من لديه صمامات معدنية او حيوانية، من لديه جلطة سابقة وحالته الطبية مستقرة ومن لديه عملية القلب المفتوح لزرع توصيلات الشرايين.
وهناك مجموعة من امراض القلب قد تكون وراثية مثل ثقب البطين VSD، تضيق الشريان الاورطي Coarctation، البطين الايسر المبتسر hypoplastic lv، الصمام الاورطي ذو الشرفتين bicuspid AV وقد تنتقل وان كانت بنسبة قليلة جدا الى نسل ذلك الزوجين، واصابة احد ابنائهما بهذا المرض وبصورة متطورة في صغره يشكل عبئا ماديا وجسديا ونفسيا من مراجعة المستشفيات وكثرة الدخول اليها والانتظام على الادوية وكثرة انقطاع الابوين عن العمل او الابن عن الدراسة اضافة الى ان تلك الاسرة مصابة بالمرض ابتداء.
ونعرض الى الحالات الثلاث اعلاه وما تم عمله فيها، اما الحالة الاولى فكان الجواب بالطبع: لا يؤثر منظم نبضات القلب على ما ذكره السائل، وكان السبب الرئيسي لوضع منظم نبضات القلب لديها هو وجود سدد وراثي في التوصيل الكهربائي للقلب، اما الحالة الثانية فيعتمد على الحالة الطبية لذلك الشاب ومدى تأثير الصمام على عضلة القلب فاذا لم تتأثر عضلة القلب بمرض ذلك الصمام فيعيشون حياة طبيعية مثل غيرهم من الناس وان كان قد يحتاج الى تبديل صمامه مستقبلا.
اما الحالة الثالثة فبعد الكشف على المريض اتضح انه بالفعل في المرحلة الرابعة من فشل القلب ولا يستطيع طبيا القيام بواجباته الزوجية والاسرية.
وفي الختام فالذي ننصح به زوجي المستقبل وعوائلهما بالشفافية والوضوح التام في هذا الموضوع بالذات وأخذ رأي الطبيب المتابع للحالة والاستئناس برأي طبي آخر اذا استدعى الامر.. فالزواج رباط مقدس واقدم عليه كلاهما وامام عينيه ديمومة هذا الميثاق الذي وصفه الله سبحانه وتعالى ب (ميثاقا غليظا).