إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله، أهل هو أن يعبد، وأهل هو أن يحمد، وأهل هو أن يشكر، فله الحمد كله، وله الشكر كله، وإليه يرجع الأمر كله علانيته وسره، وأشهد أن لا إله إلا الله، خلق السموات والأرض، وجعل الظلمات والنور، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا إلى الخير، محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه ما أظلم ليل وأشرق النهار، وعلى آله وصحابته الأبرار.. أما بعد:
سِلسلة فتاوى العلامة الألباني رحمه الله
الصــــلاة
_______________
فصل في سنـــن الصلاة
س)- هل تشرع الاستعاذة في الركعة الاولى فقط ام في كل ركعة من الصلاة؟
نرجح مشروعية الاستعاذة في كل ركعة لعموم قوله تعالى : (فإذا قرأت القران فاستعذ بالله) ، وهو الاصح في مذهب الشافعية ، ورجحه ابن حزم في "المحلى" . والله أعلم. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.
س)- هل يستحب رفع اليدين عند الركوع و الرفع منه؟
الرفع عند الركوع و الرفع منه , ورد فيه أحاديث كثيرة جدا عنه صلى الله عليه وسلم , بل هي متواترة عند العلماء بل ثبت الرفع عنه صلى الله عليه وسلم مع كل تكبيرة في أحاديث كثيرة و لم يصح الترك عنه صلى الله عليه وسلم إلا من طريق ابن مسعود رضي الله عنه , فلا ينبغي العمل به لأنه ناف , و قد تقرر عند الحنفية و غيرهم : أن المثبت مقدم على النافي , هذا إذا كان المثبت واحدا فكيف إذا كانوا جماعة كما في هذه المسألة ? فيلزمهم عملا بهذه القاعدة مع انتفاء المعارض أن يأخذوا بالرفع , و أن لا يتعصبوا للمذهب بعد قيام الحجة , و لكن المؤسف أنه لم يأخذ به منهم إلا أفراد من المتقدمين و المتأخرين حتى صار الترك شعارا لهم!. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم568.
س)- ما هو فضل رفع اليدين في الصلاة؟
قال عليه الصلاة والسلام (يُكتبُ في كلِّ إشارةٍ يشيرُ الرجلُ [بيده] في صلاتهِ عَشرُ حسناتٍ؛ كلَّ إِصبعٍ حسنةٌ).
وقد توهم بعض الفضلاء أن الحديث يعني: الإشارة بإصبعه السبابة وتحريكها في تشهد الصلاة، وأن له بكل تحريك عشر حسناتٍ! وهذا وهم محض، ويؤكده زيادة: (بيده)، ولم يقل: (بإصبعه)، ولذلك أورده الهيثمي في " باب رفع اليدين في الصلاة". انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم3286.
س)- هل ثبتت مشروعية الإشارة بالإصبع في جلسة التشهد وفي الجلسة التي بين السجدتين؟
لقد ثبتت مشروعية الإشارة بالإصبع في جلسة التشهد , أما الإشارة في الجلسة التي بين السجدتين التي يفعلها بعضهم اليوم , فلا أصل لها إلا في رواية لعبد الرزاق في حديث وائل بن حجر و هي شاذة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2248.
س)- اين يكون موضع البصر في الصلاة؟
الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا صلى طأطأ رأسه , و رمى ببصره نحو الأرض , و في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها.انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1040.
س)- ما حكم مد التكبير من القعود إلى القيام؟
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه (كان إذا أراد أن يسجد كبر ثم يسجد ، وإذا قام من القعدة كبر ثم قام) ، والحديث نص صريح في أن السنة التكبير ثم السجود , وأنه يكبر وهو قاعد ثم ينهض , ففيه إبطال لما يفعله بعض المقلدين من مد التكبير من القعود إلى القيام. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم604.
س)- هل يشرع الدعاء في التشهد الأول؟
قال عليه الصلاة والسلام (إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثم َلْيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ) ، وفي الحديث فائدة هامة؛ وهي مشروعية الدعاء في التشهد الأول، ولم أر من قال به من الأئمة غير ابن حزم، والصواب معه، وإن كان هو استدل بمطلقات يمكن للمخالفين ردها بنصوص أخرى مقيدة، أما هذا الحديث فهو في نفسه نص واضح مفسر لا يقبل التقليد، فرحم الله امرأً أنصف واتبع السنة.
والحديث دليل من عشرات الأدلة على أن الكتب المذهبية قد فاتها غير قليل من هدى خير البرية صلى الله عليه وسلم؛ فهل ما يجمل المتعصبة على الاهتمام بدراسة السنة، والاستنارة بنورها؟ لعل وعسى.
(تنبيه):وأما حديث
(كان لا يزيد في الركعتين على التشهد)) ، فهو منكر كما حققته في(الضعيفة). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم878.
س)- هل يشرع القبض في القيام قبل الركوع وبعده؟
أخرج يعقوب الفسوي في "المعرفة" (3/121) و من طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (2/28) و الطبراني في "الكبير" (22/9/1) من طريق آخر : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا موسى بن عمير العنبري قال : حدثني علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا قام في الصلاة قبض على شماله بيمينه) و رأيت علقمة يفعله . قال الفسوي : "و موسى بن عمير كوفي ثقة" . قلت : و وثقه آخرون من الأئمة و سائر الرواة ثقات من رجال مسلم , فالسند صحيح . و أخرجه النسائي (1/141) من طريق عبد الله بن المبارك عن موسى بن عمير العنبري و قيس بن سليم العنبري قالا : حدثنا علقمة بن وائل به نحوه دون فعل علقمة . و رواه أحمد (4/316) و ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/390) : حدثنا وكيع حدثنا موسى بن عمير العنبري به مختصرا بلفظ : "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يمينه على شماله في الصلاة" . فلم يذكر القيام . و رواه البغوي في "شرح السنة" (3/30) من طريق أخرى عن وكيع . وهكذا رواه أحمد (4 /316-319) من طريق أخرى عن وائل بن حجر دون القيام . و لا يشك الباحث في طرق هذا الحديث أنه مختصرا أيضا -كرواية وكيع - من حديث وائل المبين لصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم و القيام الذي قبض فيه يديه , و هو الذي قبل الركوع , جاء ذلك من طريقين :
الأولى : عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل و مولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل الصلاة , كبر -وصف همام - حيال أذنيه . ثم التحف بثوبه . ثم وضع يده اليمنى على اليسرى . فلما أراد أن يركع أخرج يده من الثوب ثم رفعها ثم كبر فركع . فلما قال : سمع الله لمن حمده رفع يده . فلما سجد سجد بين كفيه . أخرجه مسلم (2/13) و أبو عوانة (2/106107) و أحمد (4/317-318) و البيهقي (2/28و71).
الثانية : عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال : "قلت : لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي؟ قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه . ثم أخذ شماله بيمينه . فلما أراد أن يركع رفعها مثل ذلك . ثم وضع يديه على ركبتيه . فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك . فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه , ثم جلس فافترش رجله اليسرى .. و أشار بالسبابة .." الحديث . أخرجه أبو داود و النسائي و أحمد و غيرهم بسند صحيح , و هو مخرج في "صحيح أبي داود" (716-717) برواية آخرين من الأئمة عن جمع من الثقات عن عاصم , يزيد بعضهم على بعض , و أتمهم سياقا زائدة بن قدامة و بشر بن المفضل , و هو ثقة ثبت , و السياق له , و لابن ماجة منه قوله : "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فأخذ شماله بيمينه".
قلت : فإذا نظر الناظر إلى هذه الجملة لوحدها , و لم يعلم , أو على الأقل لم يستحضر أنها مختصرة من الحديث , فهم منها مشروعية الوضع لليدين في كل قيام سواء كان قبل الركوع أو بعده , و هذا خطأ يدل عليه سياق الحديث , فإنه صريح في أن الوضع إنما هو في القيام الأول , و هو في سياق عاصم بن أصرح , فإنه ذكر رفع اليدين في تكبيرة الإحرام , ثم الركوع و الرفع منه , يقول فيهما : مثل ذلك , فلو كان في حفظ وائل وضع اليدين بعد الرفع لذكره أيضا كما هو ظاهر من ذكره الرفع ثلاثا قبله , و لكن لما فصلت تلك الجملة عن محلها من الحديث أوهمت الوضع بعد الرفع , فقال به بعض أفاضل العلماء المعاصرين , دون أن يكون لهم سلف من السلف الصالح فيما علمت . و مما يؤكد ما ذكرنا رواية ابن إدريس عن عاصم به مختصرا بلفظ : "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كبر أخذ شماله بيمينه" . و مثل هذا الوهم بسبب الاختصار من بعض الرواة أو عدم ضبطهم للحديث يقع كثير , و لقد كنت أقول في كثير من محاضراتي و دروسي حول هذا الوضع و سببه : يوشك أن يأتي رجل ببدعة جديدة اعتمادا منه على حديث مطلق لم يدر أنه مقيد أيضا , ألا و هي الإشارة بالإصبع في غير التشهد ! فقد جاء في "صحيح مسلم" حديثان في الإشارة بها في التشهد أحدهما من حديث ابن عمر , و الآخر من حديث ابن الزبير , و لكل منهما لفظان مطلق و مقيد , أو مجمل و مفصل : "كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه و رفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها .." , فأطلق الجلوس . و الآخر : "كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى , و وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى .." الحديث . فقيد الجلوس بالتشهد . و نحوه لفظا حديث ابن الزبير . فاللفظ الأول "جلس" يشمل كل جلوس , كالجلوس بين السجدتين , و الجلوس بين السجدة الثانية و الركعة الثانية المعروفة عند العلماء بجلسة الاستراحة . فكنت أقول : يوشك أن نرى بعضهم في هاتين الجلستين ! فلم يمض على ذلك إلا زمن يسير حتى قيل لي بأن بعض الطلاب يشيرون بها بين السجدتين ! ثم رأيت ذلك بعيني من أحد المتخرجين من الجامعة الإسلامية حين زارني في داري في أول سنة (1404) ! و نحن في انتظار حدوث البدعة الثالثة , ألا و هي الإشارة بها في جلسة الاستراحة ! ثم حدث ما انتظرته , و الله المستعان ! و قد وقع مثل هذا الاختصار الموهم لشرعية الإشارة في كل جلوس في حديث وائل أيضا من رواية عاصم بن كليب عن أبيه عنه , و هو في "مسند أحمد" (4/316-319) على وجهين :
الأول : الإشارة مطلقا دون تقييد بتشهد . أخرجه (4/116-117) من طريق شعبة عنه بلفظ : "و فرش فخذه اليسرى من اليمنى , و أشار بإصبعه السبابة" . و كذا أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1/345/697) , لكنه قال في آخره : "يعني في الجلوس في التشهد" . و هذا التفسير , إما من وائل و إما من أحد رواته و الأول هو الراجح لما يأتي . و في لفظ له في "المسند" (4/316) من رواية عبد الواحد بلفظ : "فلما قعد افترش رجله اليسرى .. و أشار بإصبعه السبابة" .و تابعه عنده (4/317/318) سفيان -وهو الثوري- و زهير بن معاوية , و رواه الطبراني (22/78و83و84و85و90) من طريقهما و آخرين.
و الآخر : الإشارة بقيد التشهد . و هو في "المسند" (4/319) من طريق أخرى عن شعبة بلفظ : "فلما قعد يتشهد .. أشار بإصبعه السبابة و حلق بالوسطى" . و سنده صحيح , و أخرجه ابن خزيمة أيضا (698) . و تابعه أبو الأحوص عند الطحاوي في "شرح المعاني" (1/152) و الطبراني في "المعجم الكبير" (22/34/80) , و زاد : "ثم جعل يدعو بالأخرى" . و تابعهما زائدة بن قدامة بلفظ : "فحلق حلقة , ثم رفع إصبعه , فرأيته يحركها يدعو بها" . أخرجه أبو داود و غيره من أصحاب السنن , و أحمد (4/318) و الطبراني (22/35/82) و صححه ابن خزيمة و ابن حبان و ابن الجارود و النووي و ابن القيم , و هو مخرج في "صحيح أبي داود" (717) . و تابعه أبو عوانة بنحوه , و فيه : "ثم دعا" . أخرجه الطبراني (22/38/90) . و ابن إدريس مثله . رواه ابن حبان (486) . و سلام بن سليم عند الطيالسي (1020) . قال الطحاوي عقب رواية أبي الأحوص المتقدمة : "فيه دليل على أنه كان في آخر الصلاة" . قلت : و هذا صريح في رواية أبي عوانة المشار إليها آنفا , فإنه قال : "ثم سجد , فوضع رأسه بين كفيه , ثم صلى ركعة أخرى , ثم جلس فافترش رجله اليسرى , ثم دعا و وضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى , و كفه اليمنى على ركبته اليمنى , و دعا بالسبابة" . و إسناده صحيح . و نحوه رواية سفيان (و هو ابن عيينة) , و لفظه : "و إذا جلس في الركعتين أضجع اليسرى و نصب اليمنى و وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى و نصب إصبعه للدعاء و وضع يده اليسرى على رجله اليسرى" . أخرجه النسائي (1/173) بسند صحيح , والحميدي (885) نحوه .
قلت : فتبين من هذه الرواية الصحيحة أن التحريك أو الإشارة بالإصبع إنما هو في جلوس التشهد , و أن الجلوس المطلق في بعضها مقيد بجلوس التشهد , هذا هو الذي يقتضيه , الجمع بين الروايات , و قاعدة حمل المطلق على المقيد المقررة في علم أصول الفقه , و لذلك لم يرد عن أحد من السلف القول بالإشارة مطلقا في الصلاة و لا في كل جلوس منها فيما علمت , و مثل ذلك يقال في وضع اليدين على الصدر , إنما هو في القيام الذي قبل الركوع , إعمالا للقاعدة المذكورة . فإن قال قائل : قد روى عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم بن كليب بإسناده المتقدم عن وائل .. فذكر الحديث و الافتراش في جلوسه قال : "ثم أشار بسبابته و وضع الإبهام على الوسطى حلق بها و قبض سائر أصابعه , ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه" . فهذا بظاهره يدل على أن الإشارة كانت في الجلوس بين السجدتين , لقوله بعد أن حكى الإشارة : "ثم سجد .." . فأقول : نعم قد روى ذلك عبد الرزاق في "مصنفه" (2/68-69) , و رواه عنه الإمام أحمد (4/317) و الطبراني في "المعجم الكبير" (2/34-35) و زعم الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه عليه : "أنه أخرجه الأربعة إلا الترمذي و البيهقي مفرقا في أبواب شتى" . و هو زعم باطل يدل على غفلته عن موجب التحقيق فإن أحد منهم ليس عنده قوله بعد الإشارة : "ثم سجد" , بل هذا مما تفرد به عبد الرزاق عن الثوري , وخالف به محمد بن يوسف الفريابي و كان ملازما للثوري , فلم يذكر السجود المذكور . رواه عنه الطبراني (22/33/78) . و قد تابعه عبد الله بن الوليد حدثني سفيان ... به . أخرجه أحمد (4/318) . و ابن الوليد صدوق ربما أخطأ , فروايته بمتابعة الفريابي له أرجح من رواية عبد الرزاق , و لاسيما و قد ذكروا في ترجمته أن له أحاديث استنكرت عليه , أحدها من روايته عن الثوري , فانظر "تهذيب ابن حجر" و"ميزان الذهبي" , فهذه الزيادة من أوهامه . و إن مما يؤكد ذلك , أنه قد تابع الثوري في روايته لمحفوظة جمع كثير من الثقات الحفاظ منهم عبد الواحد بن زياد و شعبة و زائدة بن قدامة و بشر بن المفضل و زهير بن معاوية و أبو الأحوص و أبو عوانة و ابن إدريس و سلام بن سليمان و سفيان بن عيينة , و غيرهم , فهؤلاء جميعا لم يذكروا في حديث وائل هذه الزيادة , بل إن بعضهم قد ذكرها قبيل الإشارة , مثل بشر وأبي عوانة و غيرهما , و قد تقدم لفظهما , و بعضهم صرح بأن الإشارة في جلوس التشهد كما سبق . و هذا هو الصحيح الذي أخذ به جماهير العلماء من المحدثين و الفقهاء , و لا أعلم أحدا قال بشرعيتها في الجلوس بين السجدتين , إلا ابن القيم , فإن ظاهر كلامه في "زاد المعاد" مطابق لحديث عبد الرزاق , و لعل ذلك الطالب الجامعي الذي تقدمت الإشارة إليه قلده في ذلك , أو قلد من قلده من العلماء المعاصرين , و قد بينت له و لغيره من الطلاب الذين راجعوني شذوذ رواية عبد الرزاق و وهاءها , و لقد أخبرني أحدهم عن أحد العلماء المعروفين في بعض البلاد العربية أنه يعمل بحديث عبد الرزاق هذا و يحتج به ! و ذلك مما يدل على أنه لا اختصاص له بهذا العلم , و هذا مما اضطرني إلى كتابة هذا التخريج و التحقيق , فإن أصبت فمن الله , و إن أخطأت فمن نفسي . سائلا المولى سبحانه و تعالى أن يأخذ بأيدينا و يهدينا إلى الحق الذي اختلف فيه الناس , إنه يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم . و الحمد لله رب العالمين. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2247.